قصة الحروب الصليبية هي قصة في غاية الأهمية و دراستها حتمية لفهم كثير من الأمور سواء في التاريخ أو الواقع. فدراسة هذه القصة مهمة لفهم التاريخ الإسلامي و هي كذلك مهمة لفهم واقعنا الذي نعيش فيه الآن.

و تعد هذه القصة مهمة للإطلاع عليها لعدة أسباب منها :

(1)
فترة طويلة من التاريخ الإسلامي و الإنساني فهي أكثر من مائتي سنة و ليست دراسة هذه الفترة مهمة للمسلمين فقط، بل اهتم بها الأوربيون و غيرهم من مفكري العالم و علمائه فقد ظلت الحروب الصليبية مسيطرة على الفكر الأوربي و عقلية الأدباء و عموم الناس أكثر من ثلاثة قرون متصلة.

(2)
لأن هذه الفترة طويلة فإننا نستطيع أن نرصد فيها الإيدلوجيات المختلفة للأطراف المتصارعة

(3)
يبرز احتياجنا لدراسة الحروب الصليبية بدرجة أكبر عند رؤية التشابه العجيب بين هذه الحقبة القديمة التي مر عليها أكثر من تسعة قرون و بين زماننا المعاصر.

(4)
يظهر بجلاء في قصة الحروب الصليبية الاختلاف الفكري و الفقهي و العقائدي في قضية حساسة جدا داخل كيان الأمة الإسلامية و هي قصة السنة و الشيعة، و ذلك أن الأحداث تدور في منطقتي الشام و مصر و هما واقعتان تحت سيطرة سلجوقية سنية من جهة، و عبيدية فاطمية شيعية من جهة أخرى.

(5)
دراسة الصراع مع الصليبين ليس أمرًا مفيدًا لواقعنا فقط بل هو مفيد لمستقبلنا أيضا فهي الصراعات مستمرة ولن تنتهي.

(6)
من الدوافع المهمة لدراسة هذه الحقبة التزوير الذي حدث في القصة.

و لعل من أكبر التزويرات في تاريخ الحروب الصليبية هو إطلاق عليها هذا الاسم فالحروب الصليبية لم تكن معروفة بهذا الاسم طيلة الفترة التي حدثت فيها و لم يعرف هذا الاسم إلا في القرن الثامن عشر الميلادي و ما بعده .

أما لماذا اشتهر هذا الاسم فلكونه يحمل معنى الحرب النبيلة و يوحي بالشجاعة و التضحية و يعبر عن الفداء الذي يحبه النصارى و هي جميعا صفات لم توجد البتة في هذه الحروب بل كانت حروبًا تجسد كل معاني القسوة و العنف و الإجرام.

(7)
تحليل الأهداف و البواعث التي كانت وراء هذه الهجمة الصليبية الشرسة، و ذلك أن المؤرخين و المحللين انقسموا في ذلك إلى فرق شتى فمنهم من يؤكد الدافع الديني، و آخرون يؤكدون الدوافع الاقتصادية و غيرهم يؤكدون الدوافع السياسية و الأبعاد الأخلاقية.

(8)
إيضاح الصفحات المشرقة لجهاد الكثير من أعلام المسلمين و مجاهديهم فإن معظم من تناولوا هذا الحدث قصروا الجهد كله على صلاح الدين الأيوبي و هو وإن كان مجاهدا عظيم إلا أنه ليس الوحيد الذي حمل راية الجهاد في قصة الصليبين.

(9)
ندرس الحروب الصليبية أيضا لأن الآثار الناجمة عنها آثار هائلة ضخمة لم تكن محدودة بفترة المائتي سنة التي وقعت فيها هذه الحروب و لكنها امتدت بعد ذلك طويلا ليس لعدة سنوات بل لعدة قرون.

هذه الأسباب التي ذكرها المؤرخ راغب السرجاني في مقدمة الكتاب توضح أهمية الكتاب و أهمية قراءته

و قدم جميع الأحداث التاريخية المتعلقة بالحروب الصليبية من الأقدم قبيل الحروب الصليبية إلى الأحدث و ما تبعها من أحداث بعدها.