كتاب جنون من الطراز الرفيع يحكي قصص كثيرة عن الحكام و القادة الذين نجحوا بالرغم من أمراضهم النفسية و معاناتهم، ويظهر لك كيف تحول سلبيات المرض النفسي الى صفات قيادية قوية.

“في أوقات الكوارث القادة المريضين نفسيا أفضل لنا من نظرائهم العاديين”ناصر قامي

يقول المؤلف ناصر قائمي : “أفضل النوابغ الذين اعرفهم منهم أشخاص يعانون من الاكتئاب، لطالما تساءلت عن احتمال وجود صلة بين امراض النفس والقيادة العظيمة”

يحاول المؤلف إعطاء أدلة قوية لفرضيته، بينما تحتاج الفرضية لكثير من الدراسة لإثبات صحتها لكنها تعتبر بداية قوية لنقاش مهم.

يعاني المرضى النفسيين من نظرة المجتمع لكن بالنظر للصعوبات التي تغلب عليها الكثير من القادة ومعرفة الفوائد المحتملة يمكن كسر حاجز الخوف والاحتفاء ببعض فوائد المرض بدل الخوف منه.

هناك ثلاث دروس عن الجوانب الإيجابية للمرض النفسي.

الدرس الأول:هناك فوائد لأمراض مثل اضطراب ثنائي القطب والاكتئاب بالنسبة للقائد

بسبب ما يحس به المصابين بالاكتئاب فإن لديهم تعاطف شديد، لذلك فهم أكثر تفهما لمعاناة الناس.

أما المصابين باضطراب ثنائي القطب فهم يتذبذبون بين حلقات من السعادة المطلقة والكآبة الشديدة بشكل تلقائي وأحيانا خلال ساعات.بسبب ذلك فهم يرون الأشياء من عدة زوايا و هذا يجعلهم أكثر إبداعا.

الدرس الثاني:عبر التاريخ هناك شعوب نجت من أوقات عصيبة بسبب قادتهم المصابين بأمراض نفسية

هل تعلم ان مارتن لوثر كنغ وغاندي كلاهما حاولا الانتحار خلال طفولتهما؟ الاثنان عانا من الاكتئاب في المراحل الأولى من طفولتهما، والضغط النفسي الذي تعرضا له زاد الأمر سوءا. وبالنظر للتعاطف الشديد الذي يشعر به الشخص المكتئب يمكن اعتبار ثورات المطالبة بالحقوق المدنية التي قادها غاندي ومارتن لوثر كنغ نتاج طبيعي لتعاطفهم الشديد. فلقد شعروا بمدى إحباط الناس لأنهم عاشوا نفس الشعور.

وينستون تشرشل هو مثال آخر لقائد يعاني من الاكتئاب، في عام 1938 حاول رئيس الوزراء في حينها نيفيل شمبرلين مقابلة هتلر مباشرة في محاولة بطولية لإقناعه بأن الحرب غير ضرورية. في المقابل كان تشرشل أكثر واقعية بسبب اكتئابه، وعقليته الصارمة جعلته يتخذ قرارات سليمة خلال رئاسته.

مثال أخير هو جون كنيدي الذي كان يعاني من أعراض الشخصية المفرطة الشبيه بأعراض اضطراب ثنائي القطب، خلال أزمة صواريخ كوبا التزم كنيدي بموقفه في حين طالبه الجميع بعمل ضربة استباقية نووية. وهكذا تفادى بنجاح كارثة نووية بسبب مرضه النفسي.

الدرس الثالث: الاعتراف بأن للمرض النفسي جوانب ايجابية هو خطوة أولى لكسر النظرة السلبية حول المرض النفسي

في حين استطاع كثير من الناس حول العالم كسر حاجز الخوف لا زال العديد يعانون بصمت، من الطبيعي ان يخاف المجتمع من الأشياء التي لا يفهمها، لكن بتسليط الضوء على الجوانب الإيجابية يمكن إيقاف انتشار المرض و حاجز الخوف المحيط به.

في البداية لابد ان نتقبل ان بعض القادة السابقين كان لديهم أمراض نفسية، و مع ذلك هؤلاء الأفراد كانت لهم مساهمات ايجابية عظيمة رغم التحديات.

يقودنا هذا للاستنتاج ان هناك مصابين بأمراض نفسية قاموا بتغيير العالم، و أن العالم أفضل حالا اليوم بسبب قرارات هؤلاء القادة المتأثرين بأمراض نفسية.

من هنا نرى ان أي شخص بعض النظر عن حالته النفسية يستطيع عمل إضافة ايجابية للمجتمع، المصابين بالاكتئاب أو التوتر أو اضطرابات الشخصية أو اضطرابات الشهية وكل المصابين بمرض نفسي يستطيعون تغيير العالم.

بنشر هذه الحقائق سيعترف المصابين بحاجتهم للمساعدة، وعندما يعترف الناس بنقاط ضعفهم فهذه أول خطوات العلاج والتحسن.

ترجمة Osman Abdalla

نبذة عن الكتاب:

تحقيق حول الصلة العميقة بين المرض النفسي و النبوغ في القيادة كما هو ملاحظ من خلال حياة أهم الشخصيات السياسية في التاريخ.

عدد الصفحات: 316

نبذة عن الكاتب:

ناصر قائمي ويكيبيديا ناصر قامي ولد عام 1966م في طهران وهاجر الى الولايات المتحدة بعمر 5 سنوات. طبيب نفسي وباحث ومؤلف للعديد من الكتب عن الأمراض النفسية واضطرابات المزاج، يعمل كمحاضر في جامعة تافتس في مدينة بوسطن.شارك في كثير من الأوراق العلمية وله أعمال أخرى منشورة.