صدر الكتاب (عام 2011 )يتناول سيرة كاتبه غازي القصيبي الإدارية خطّها الكاتب بتدوين ما مر معه منذ طفولته حتى توليه لمنصب سفير للملكة العربية السعودية في البحرين.

و على عكس كتب السير التي تختار أسلوب السرد بتقسيم الكتاب إلى فصول منفصلة اختار الكتاب أن يخط سيرته مرةَ واحدة دون تقسيمها إلى فصول و لربما كان هذا الكتاب بذاته فصلا من فصول حياته.

من خلال كتاب حياة في الإدارة يمكن للقارئ العادي التعرف على غازي القصيبي والمناصب التي شغلها، والإنجازات التي حققها، و يصلح أن يكون مرجعاً ممتازاً لكل إداري ناشئ.

بأسلوبٍ سلس و بسيط يقدم غازي القصيبي ما في جعبته من دروس و نصائح كان قد استخلصها من حياته العملية و المناصب الإدارية التي شغلها.إن علاقة الإنسان المعاصر بالإدارة تبدأ مع الطفولة:
في البداية يذكر الكاتب أثر الإدارة في طفولته، فأكد على أن الإنسان لا يمكن أن يبدأ حياته رسمياً إلا بورقة إدارية و لا يستطيع أن ينهيها إلا بورقة إدارية، وأن أول تعامل حقيقي مع الإدارة يبدأ بعد الذهاب إلى المدرسة الذي يرى فيها الطفل عدة نماذج إدارية.

و من خلال ذكره لمراحل دراسته تحدث عن موضوع الالتزام و الانضباط و تجربة السلطة و علاقة الرئيس بمرؤوسيه.

الآفات الإدارية:

أكدّ القصيبي على أثر القيادة الإدارية في حياة المؤسسة من خلال ذكره لمواقف في فترة دراسته الثانوية.

” مر على المدرسة من خلال فترتي فيها ثلاثة مدراء كان الأول خاملا، و الثاني شعلة نشاط لا يهدأ، و كان عهد الثالث قصيرا فقد أصيب مع بداية السنة بمرض عضال أدى إلى عودته إلى مصر و تولى شئون المدرسة مدير بالنيابة وهكذا رأيت كيف تنام المدرسة مع المدير الكسول و تستيقظ مع المدير الحي و تبقى معلقة مع المدير بالنيابة”

و الآفة الأخرى التي لاحظها في المدرسة الثانوية تعامل المدرسين مع الطلاب وفقا لوضعهم الاجتماعي.

أما الآفة الأهم التي تجلت أمام الكاتب وكتب عنها هي آفة البيروقراطية، فقد ذكر مواقف عديدة تناولت موضوع البيروقراطية من خلال دراسته الجامعية في القاهرة.

نصائح إدارية

اخرج عن المألوف

من خلال مسيرته المهنية يذكر الكاتب نصائح مهمة لكل إداري ناشئ فمع منصبه كعميد لكلية التجارة يقدم سر من أسرار الإدارة ” افتح المجال أمام الآخرين و سوف تذهلك ما تراه من منجزاتهم “.

غازي القصيبي من خلال منصبه خرج عن المألوف وبنظره كان منصب العميد لا يتعدى كونه ساعي البريد إلا أنه كان يراها بأسلوب مختلف يراها عملا حقيقيا هاما وهنا بدأت مهمته.

لا تكتفِ بما لديك من معرفة

“لا تذهب إلى عمل جديد إلا بعد أن تعرف كل مايمكن معرفته عن العمل الجديد”

قدّم القصيبي هذه النصيحة من خلال تجربته مع منصب مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية، فقبل توليه المنصب انكب على قراءة كتبا عن الموانئ ووثائق و أوراق عن تاريخ السكة كما قرأ محاضر الجلسات التي عقدها مجلس الإدارة من تأسيس المؤسسة ، كما قضى مع مدراء المؤسسة السابقين ساعات طويلة يسأل أسئلة لا تنتهي.

تقبل مسؤولية الخطأ بنفس درجة تقبلك للمديح

يعرج الآن الكاتب على مرحلة توليه لمنصب وزير الصناعة و الكهرباء و يؤكد بأن الإداري الغير مسئول و يعلق الفشل في رقبة الموظف الصغير المسكين لا يحظى بثقة العاملين معه.

“إذا كنت لا تستطيع أن تتحمل مسئولية الخطأ الذي يرتكبه أحد العاملين معك فمن الأفضل أن تبقى في دارك. الولاء طريق ذو خطين و ما أكثر المسئولين الذين يتوقعون ولاء مساعديهم دون ان يكونوا على استعداد لمقابلة الولاء بالولاء”.

من منصب أستاذ مساعد إلى مستشار قانوني إلى جانب منصب عميد كلية التجارة، مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية ، وزير الصناعة والكهرباء، وزير الصحة و أخيرا سفير المملكة العربية السعودية في البحرين كل هذه المناصب والمحطات المذكورة بالكتاب أردفها الكاتب بنصائح و عِبر ذكرنا بعضا منها أما الكتاب فهو غني بهذه النصائح الإدارية التي تستحق القراءة والتأمل.

غازي عبد الرحمن القصيبي:
شاعر و أديب و سفير دبلوماسي ووزير سعودي، حصل على درجة البكالوريوس من كلية الحقوق في جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا، أما الدكتوراة فكانت في العلاقات الدولية من جامعة لندن.

تولى القصيبي مناصب عدة منها أستاذ مساعد في كلية العلوم الإدارية، ومستشار قانوني في مكاتب استشارية، و في وزارة الدفاع و الطيران، و وزارة المالية و نال منصب عميد كلية التجارة بجامعة الملك سعود ثم مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية ثم وزير الصناعة و الكهرباء ثم وزير الصحة فسفير السعودية لدى البحرين ثم سفير سعودية لدى بريطانيا و بعدها عاد وزير المياه والكهرباء ثم وزير العمل.

أما عن نتاجه الأدبي فتنوع مابين فن رواية وقصة و نتاج صحفي و إصدارات شعرية عديدة.

توفي رحمه الله عن عمر يناهز السبعين عاماً يوم الأحد الموافق 15 أغسطس 2010.